(الدعاء على النفس والدعاء على الأولاد)
صفحة 1 من اصل 1
(الدعاء على النفس والدعاء على الأولاد)
عندما يضيق الإنسان ذرعاً في هذه الحياة بمشاكل شتى، وبالذات نجد هذه على ألسنة الكثير من الأخوات حتى بعض الملتزمات منهن نسأل الله التوبة للجميع إن شاء الله رب العالمين، فتدعو على نفسها وتدعو على أولادها.
ألم يعلم هؤلاء وما سمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تدعو على أنفسكم ولا تدعو على أولادكم ولا تدعو على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم " (1).
قال رب العباد سبحانه وتعالى: (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً) (الإسراء:11).
وفي حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنياً للموت، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي" (2).
يعني: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لابد فاعلاً يريد يعني أن يدعو بدعاء محدد فليقل: " اللهم أحييني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي".
والعجيب أننا إذا نظرنا إلى عالمنا العربي والإسلامي، وتنقلنا بين بلاده تجد أن كثيراً من الناس في بقاع الأرض العربية والإسلامية على ألسنتهم كلمات كثيرة من السب، ومن اللعن، ومن الدعاء بالقطيعة والخيبة، وأن الله يأخذه أخذ عزيز مقتدر، والعياذ بالله، وأن رب السماء يغضب عليه، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكف ألسنتا عما يغضبه عز وجل، أو يكون وبالاً علينا، والعياذ بالله رب العالمين.
ولذلك المسلم وقاف يدعو بالخير إذا اغتاظ أو تضايق أو أزعجه أمر أو أحزنه، فليشك همه لله سبحانه وتعالى، فما الذي تكسبه الأم إذا دعت على ابن لها فاستجيب الدعاء؟
سوف تكسب حسرة وندامة وأساً وألماً، وربما مرضاً مقعداً، نتيجة أن ما تراه في ابنها عبارة عن استجابة الدعاء الذي كانت تدعو به.
والإنسان ليقل خيراً أو ليصمت، فمن ضمن آفات اللسان أن يدعو الإنسان على نفسه، فالأب عندما يغضب من كثرة الطلبات في البيت مثلاً، يدعو، والعياذ بالله، يقول: أسأل الله ألا أرجع إليكم، لماذا هذا؟
يا أخي، اسأل الله أن يكرمك من فضله، اسأل الله أن يشرح صدرك، اسأل الله أن يرزقك من كرمه، اسأل الله أن يرزقك من خزائنه، اسأل الله أن يقنع أهلك وأبناءك بالحياة وبالمعيشة، حتى وإن كانت المعيشة ضيقة الحال، أو كان الرزق قليلاً، فادعوا الله أن يبارك في هذا الرزق، لكن أن تدعو على نفسك ألا تعود إليهم! تدعو على نفسك أن يذهب هذا المال، تدعو على الولد أن يذهب ولا يعود أو على البنت.
لا، يعني ليس هذا من دين الله سبحانه تعالى، فلأنها ربما توافق ساعة استجابة فيضيع الولد وتزول الأموال وتخرب البيوت والضياع والمزارع والشركات، لماذا؟
لأن الإنسان لا يجب أبداً أن يدعو على نفسه، لماذا تدعو على نفسك أخ الإسلام ؟ لماذا تدعو على ولدك؟ لماذا تدعو على ضياع مالك؟ ادع الله سبحانه وتعالى أن يفهمك، ادع الله سبحانه وتعالى أن يعينك، ويبصرك.
هذا التابعي الذي قيل له إن فلاناً يؤذيك فادعوا عليه، قال: عجباً أما في قلبك رحمة! أتريد أن أجمع عليه ظلمه لي ودعائي عليه! انظر يعني حتى هذا العفو وهذا والقلب الفياض الجياش برحمة الله عز وجل، انظر ماذا يقول؟! يعني لا أريد أن أجمع عليه أنه ظلمني وهذا مدعاة للقصاص يوم القيامة ثم تريد أن أدعو أنا عليه ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب. إذاً الإنسان يكون بهذا المنطق الإيماني ألا يدعو على أحد.
بدلاً من أن تدعو على الولد العاق بشيء، ادع له بالهداية، عسى رب العباد أن يهديه. البنت المتأبية المتمردة على أبيها وأمها بدلاً من أن تدعو عليها ادع لها، الولد الكسول عن المذاكرة لا تدعو عليه ادع له، الولد الذي لا يواظب على الصلاة، ولا يسمع نصيحتك ولا كلامك بدلاً من أن تدعو عليه ادع له.
القريب الذي ظلمك، حتى الظالم، الدعاء عليه ربما يزيده ظلماً، فادع له عسى رب العباد أن يهديه.
لنفرض جدلاً أن هذا الظالم أخوك مثلاً الذي أخذ ميراث أبيك أو أختك التي أخذت حلي ومجوهرات أمك بعد أن ماتت وتركت مجوهرات معينة فأخذتها البنت الوحيدة في الأسرة، بدل من أن تدعو عليها، ربما دعاؤك عليها يزيدها ظلماً يزيدها عتواً يزيدها تمسكاً بما في يدها، ادع الله لها بالهداية فإن هداها رب العباد سوف تعيد لك حقك، سوف تتنازل عما في يدها فتعيد الأمور إلى نصابها، سوف ترجع الأمور إلى حقيقة أمرها وتعطي كل ذي حق حقه، هكذا الدعاء على الأخ على العم على الخال على القريب على الجار على صاحب المنزل على صاحب العمل على الموظف الذي يعمل تحت يدك.
ما الذي نكسبه؟! والله لو أنت يعني أخذت كياسة المؤمن، فالمؤمن كيسٌ فطنٌ بفضل الله عز وجل، فليدع بعضنا لبعض بظهر الغيب، والملك يقول: "ولك مثل ذلك" (3)،
اللهم اهده، اللهم اشفه اللهم اشرح صدره، اللهم يسر أمره، اللهم أفقه من غفلته، اللهم أيقظه من نومته، وهكذا، يعني هذه الدعوات كلها الملّك يقول لي "ولك مثل ذلك"، وفي نفس الوقت هدايته، هذا سوف يعود علي أنا بالخير؛ لأنه إذا دعوت عليه ما الذي كسبته؟ لكن لو دعوت له بالهداية، فهداه الله رب العالمين، هذا في مصلحتي دنيا و آخرة.
مصلحتي في الدنيا أن ينصفني، وفي الآخرة أن لا أغتابه، ولا أخوض في عرضه، ولا يأخذ من حسناتي يوم القيامة، ولذلك يقول ربنا في سورة فصلت: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت 34-35).
ثم قال سبحانه تعقيباً على هذه الآية: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأعراف:200).
ثم قال سبحانه تعقيباً على هذه الآية: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأعراف:200).
يتعجب الإنسان ما الذي جاء بقضية الشيطان هنا في معرض الآيات عن الدفع بالتي أحسن؟ لأن الذي يجعلني ألا أدفع بالتي أحسن هو الشيطان، يقول: لا لقد ظلمك، لقد صنع فيك كذا، لقد أخذ درجتك الوظيفية، لقد أبى أن يعين ابنك في الوظيفة الفلانية، لقد صنع كذا بأختك أو بأهلك أو بكذا أو بكذا في أنه رفض أن يوظفهم، أو رفض ولم يكن وسيلة خير في تزويج فلان أو فلانة، إذاً أنت إذا دفعت بالتي هي أحسن نحيت الشيطان فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم، أما إذا تملكك الشيطان عندئذ سوف تصنع ما يضر بك وما يضر بغيرك، ولذلك قال ربنا سبحانه وتعالى عن الإنسان الذي يريد أن يصنع خيراً: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ما النتيجة؟! (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت من الآية 34).
فالإنسان قد يقول يوماً: لقد دفعت بالتي هي أحسن فما انقلب العدو ولياً حميماً، نقول له: كذبت، إن الله عز وجل صادق فيما قال، والقرآن صادق فيما قيل فيه، الله سبحانه وتعالى يقول: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) هذا هو ما علي، تأتي النتيجة (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت من الآية 34) ، إذا صدقت أنا في الدفع بالتي هي أحسن بنية صادقة جاءت النتيجة طيبة.
هكذا مع الأقارب، ومع الأهل: بين الزوج والزوجة، بين الجار وجاره، بين صاحب العمل الموظف الذي عنده، بين المسلم وأخيه المسلم، بين المسلمة وأختها المسلمة.
إذا انطبع المجتمع على هذا الأمر، فإن المسألة سوف تعود إلى نصابها، لكن أن تتعود ألسنتنا الدعاء على الغير، والدعاء على الناس!
أرى والله أعلم أن المسألة سوف تعود إلى نصابها، لكن أن تتعود ألسنتنا عدم الدعاء على الغير، أو الدعاء على الناس. نسمع مثلاً اللهجات المحلية في كثير من دول العالم الإسلامي للأسف الشديد، مثلاً كلمات تدل على أن إنسان يدعو على إنسان وهذا كلام خطير، نحن مثلاً قلنا أنه ممنوع أن يلعن مؤمن شيئاً لا يلعن لا مسلم ولا شئ حتى ولا حتى حيوان أعجم، ولكن نرى في بعض البلاد من يقول له عليك لعنة الله أو الله يلعنه، وللأسف حتى بعض القائمين على أمور الفن هدى الله الجميع، يذكر كلمة اللعنة هذه كثيراً من باب إضحاك الناس. وهذا كلام خطير لأن اللعنة تصعد إلى السماء فتغلق في وجهها أبواب السماء ثم تعود فإن وجدت الذي لعن أهلاً للعنة، وإلا عادت وارتدت إلى صاحبها واللعن هو الطرد من رحمة الله سبحانه و تعالى، والعياذ بالله رب العالمين.
أخوة الإسلام، لماذا ندعو على أنفسنا؟! لماذا ندعو على أولادنا؟! لماذا ندعو على أموالنا أن تذهب؟! لأن النتيجة أن يكون هذا الدعاء علينا لا لنا، تخيل إنساناً ضد نفسه يدعو على نفسه فيصاب, يدعو على أولاده فيصاب أولاده، يدعو على أمواله فتذهب أمواله، من ذا الذي يحزن عندئذ؟ والله، لن يحزن إلا صاحب الدعاء نفسه هو الذي سوف تعود عليه هذه المصيبة، وهذا يعودنا أن نمسك ألسنتنا إلا بالخير، ورحم الله امرءً قال خيراً فغنم أو سكت فسلم.
اللهم جنبنا هذه الآفة وتب علينا يا رب العالمين.
ألم يعلم هؤلاء وما سمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تدعو على أنفسكم ولا تدعو على أولادكم ولا تدعو على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم " (1).
قال رب العباد سبحانه وتعالى: (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً) (الإسراء:11).
وفي حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنياً للموت، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي" (2).
يعني: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لابد فاعلاً يريد يعني أن يدعو بدعاء محدد فليقل: " اللهم أحييني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي".
والعجيب أننا إذا نظرنا إلى عالمنا العربي والإسلامي، وتنقلنا بين بلاده تجد أن كثيراً من الناس في بقاع الأرض العربية والإسلامية على ألسنتهم كلمات كثيرة من السب، ومن اللعن، ومن الدعاء بالقطيعة والخيبة، وأن الله يأخذه أخذ عزيز مقتدر، والعياذ بالله، وأن رب السماء يغضب عليه، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكف ألسنتا عما يغضبه عز وجل، أو يكون وبالاً علينا، والعياذ بالله رب العالمين.
ولذلك المسلم وقاف يدعو بالخير إذا اغتاظ أو تضايق أو أزعجه أمر أو أحزنه، فليشك همه لله سبحانه وتعالى، فما الذي تكسبه الأم إذا دعت على ابن لها فاستجيب الدعاء؟
سوف تكسب حسرة وندامة وأساً وألماً، وربما مرضاً مقعداً، نتيجة أن ما تراه في ابنها عبارة عن استجابة الدعاء الذي كانت تدعو به.
والإنسان ليقل خيراً أو ليصمت، فمن ضمن آفات اللسان أن يدعو الإنسان على نفسه، فالأب عندما يغضب من كثرة الطلبات في البيت مثلاً، يدعو، والعياذ بالله، يقول: أسأل الله ألا أرجع إليكم، لماذا هذا؟
يا أخي، اسأل الله أن يكرمك من فضله، اسأل الله أن يشرح صدرك، اسأل الله أن يرزقك من كرمه، اسأل الله أن يرزقك من خزائنه، اسأل الله أن يقنع أهلك وأبناءك بالحياة وبالمعيشة، حتى وإن كانت المعيشة ضيقة الحال، أو كان الرزق قليلاً، فادعوا الله أن يبارك في هذا الرزق، لكن أن تدعو على نفسك ألا تعود إليهم! تدعو على نفسك أن يذهب هذا المال، تدعو على الولد أن يذهب ولا يعود أو على البنت.
لا، يعني ليس هذا من دين الله سبحانه تعالى، فلأنها ربما توافق ساعة استجابة فيضيع الولد وتزول الأموال وتخرب البيوت والضياع والمزارع والشركات، لماذا؟
لأن الإنسان لا يجب أبداً أن يدعو على نفسه، لماذا تدعو على نفسك أخ الإسلام ؟ لماذا تدعو على ولدك؟ لماذا تدعو على ضياع مالك؟ ادع الله سبحانه وتعالى أن يفهمك، ادع الله سبحانه وتعالى أن يعينك، ويبصرك.
هذا التابعي الذي قيل له إن فلاناً يؤذيك فادعوا عليه، قال: عجباً أما في قلبك رحمة! أتريد أن أجمع عليه ظلمه لي ودعائي عليه! انظر يعني حتى هذا العفو وهذا والقلب الفياض الجياش برحمة الله عز وجل، انظر ماذا يقول؟! يعني لا أريد أن أجمع عليه أنه ظلمني وهذا مدعاة للقصاص يوم القيامة ثم تريد أن أدعو أنا عليه ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب. إذاً الإنسان يكون بهذا المنطق الإيماني ألا يدعو على أحد.
بدلاً من أن تدعو على الولد العاق بشيء، ادع له بالهداية، عسى رب العباد أن يهديه. البنت المتأبية المتمردة على أبيها وأمها بدلاً من أن تدعو عليها ادع لها، الولد الكسول عن المذاكرة لا تدعو عليه ادع له، الولد الذي لا يواظب على الصلاة، ولا يسمع نصيحتك ولا كلامك بدلاً من أن تدعو عليه ادع له.
القريب الذي ظلمك، حتى الظالم، الدعاء عليه ربما يزيده ظلماً، فادع له عسى رب العباد أن يهديه.
لنفرض جدلاً أن هذا الظالم أخوك مثلاً الذي أخذ ميراث أبيك أو أختك التي أخذت حلي ومجوهرات أمك بعد أن ماتت وتركت مجوهرات معينة فأخذتها البنت الوحيدة في الأسرة، بدل من أن تدعو عليها، ربما دعاؤك عليها يزيدها ظلماً يزيدها عتواً يزيدها تمسكاً بما في يدها، ادع الله لها بالهداية فإن هداها رب العباد سوف تعيد لك حقك، سوف تتنازل عما في يدها فتعيد الأمور إلى نصابها، سوف ترجع الأمور إلى حقيقة أمرها وتعطي كل ذي حق حقه، هكذا الدعاء على الأخ على العم على الخال على القريب على الجار على صاحب المنزل على صاحب العمل على الموظف الذي يعمل تحت يدك.
ما الذي نكسبه؟! والله لو أنت يعني أخذت كياسة المؤمن، فالمؤمن كيسٌ فطنٌ بفضل الله عز وجل، فليدع بعضنا لبعض بظهر الغيب، والملك يقول: "ولك مثل ذلك" (3)،
اللهم اهده، اللهم اشفه اللهم اشرح صدره، اللهم يسر أمره، اللهم أفقه من غفلته، اللهم أيقظه من نومته، وهكذا، يعني هذه الدعوات كلها الملّك يقول لي "ولك مثل ذلك"، وفي نفس الوقت هدايته، هذا سوف يعود علي أنا بالخير؛ لأنه إذا دعوت عليه ما الذي كسبته؟ لكن لو دعوت له بالهداية، فهداه الله رب العالمين، هذا في مصلحتي دنيا و آخرة.
مصلحتي في الدنيا أن ينصفني، وفي الآخرة أن لا أغتابه، ولا أخوض في عرضه، ولا يأخذ من حسناتي يوم القيامة، ولذلك يقول ربنا في سورة فصلت: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت 34-35).
ثم قال سبحانه تعقيباً على هذه الآية: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأعراف:200).
ثم قال سبحانه تعقيباً على هذه الآية: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأعراف:200).
يتعجب الإنسان ما الذي جاء بقضية الشيطان هنا في معرض الآيات عن الدفع بالتي أحسن؟ لأن الذي يجعلني ألا أدفع بالتي أحسن هو الشيطان، يقول: لا لقد ظلمك، لقد صنع فيك كذا، لقد أخذ درجتك الوظيفية، لقد أبى أن يعين ابنك في الوظيفة الفلانية، لقد صنع كذا بأختك أو بأهلك أو بكذا أو بكذا في أنه رفض أن يوظفهم، أو رفض ولم يكن وسيلة خير في تزويج فلان أو فلانة، إذاً أنت إذا دفعت بالتي هي أحسن نحيت الشيطان فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم، أما إذا تملكك الشيطان عندئذ سوف تصنع ما يضر بك وما يضر بغيرك، ولذلك قال ربنا سبحانه وتعالى عن الإنسان الذي يريد أن يصنع خيراً: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ما النتيجة؟! (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت من الآية 34).
فالإنسان قد يقول يوماً: لقد دفعت بالتي هي أحسن فما انقلب العدو ولياً حميماً، نقول له: كذبت، إن الله عز وجل صادق فيما قال، والقرآن صادق فيما قيل فيه، الله سبحانه وتعالى يقول: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) هذا هو ما علي، تأتي النتيجة (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت من الآية 34) ، إذا صدقت أنا في الدفع بالتي هي أحسن بنية صادقة جاءت النتيجة طيبة.
هكذا مع الأقارب، ومع الأهل: بين الزوج والزوجة، بين الجار وجاره، بين صاحب العمل الموظف الذي عنده، بين المسلم وأخيه المسلم، بين المسلمة وأختها المسلمة.
إذا انطبع المجتمع على هذا الأمر، فإن المسألة سوف تعود إلى نصابها، لكن أن تتعود ألسنتنا الدعاء على الغير، والدعاء على الناس!
أرى والله أعلم أن المسألة سوف تعود إلى نصابها، لكن أن تتعود ألسنتنا عدم الدعاء على الغير، أو الدعاء على الناس. نسمع مثلاً اللهجات المحلية في كثير من دول العالم الإسلامي للأسف الشديد، مثلاً كلمات تدل على أن إنسان يدعو على إنسان وهذا كلام خطير، نحن مثلاً قلنا أنه ممنوع أن يلعن مؤمن شيئاً لا يلعن لا مسلم ولا شئ حتى ولا حتى حيوان أعجم، ولكن نرى في بعض البلاد من يقول له عليك لعنة الله أو الله يلعنه، وللأسف حتى بعض القائمين على أمور الفن هدى الله الجميع، يذكر كلمة اللعنة هذه كثيراً من باب إضحاك الناس. وهذا كلام خطير لأن اللعنة تصعد إلى السماء فتغلق في وجهها أبواب السماء ثم تعود فإن وجدت الذي لعن أهلاً للعنة، وإلا عادت وارتدت إلى صاحبها واللعن هو الطرد من رحمة الله سبحانه و تعالى، والعياذ بالله رب العالمين.
أخوة الإسلام، لماذا ندعو على أنفسنا؟! لماذا ندعو على أولادنا؟! لماذا ندعو على أموالنا أن تذهب؟! لأن النتيجة أن يكون هذا الدعاء علينا لا لنا، تخيل إنساناً ضد نفسه يدعو على نفسه فيصاب, يدعو على أولاده فيصاب أولاده، يدعو على أمواله فتذهب أمواله، من ذا الذي يحزن عندئذ؟ والله، لن يحزن إلا صاحب الدعاء نفسه هو الذي سوف تعود عليه هذه المصيبة، وهذا يعودنا أن نمسك ألسنتنا إلا بالخير، ورحم الله امرءً قال خيراً فغنم أو سكت فسلم.
اللهم جنبنا هذه الآفة وتب علينا يا رب العالمين.
(فضيلة الشيخ د.عمر عبدالكافي)
mahdi- عدد المساهمات : 7
نقاط الاعضاء : 24
تاريخ التسجيل : 29/04/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى